دعت مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة يوم الثلاثاء إلى إجراء “تحقيق مستقل” في ظروف وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي أثناء احتجازه.
وقالت المفوضية إن التحقيق يجب أن يتناول كل جوانب علاجه خلال فترة احتجازه لما يقرب من ست سنوات.
وقال روبرت كولفيل، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “أي وفاة مفاجئة في السجن يجب أن يتبعها تحقيق سريع ونزيه وشامل وشفاف تجريه هيئة مستقلة لتوضيح سبب الوفاة”.
وتوفي مرسي يوم الاثنين بعد أن تعرض لإغماء خلال جلسة محاكمة في القاهرة.
وأضاف كولفيل: “أثيرت مخاوف بشأن ظروف احتجاز محمد مرسي، بما فيها إمكانية حصوله على الرعاية الطبية الكافية، والوصول إلى محاميه وعائلته، خلال فترة تصل إلى نحو ست سنوات في الحجز”.
وقال كولفيل في حديثه عن مرسي: “يبدو أنه احتجز في الحبس الانفرادي لفترات طويلة. يجب أن يشمل التحقيق أيضا جميع جوانب معاملة مرسي، للنظر فيما إذا كان لظروف احتجازه تأثير على وفاته”.
وأضاف : “يجب أن يتم التحقيق من قبل محكمة مختصة ومستقلة عن السلطة التي احتجزته، على أن تـفوض بإجراء تحقيقات فورية ونزيهة وفعالة في ظروف وفاته”.
ماذا حدث؟
أصدر النائب العام المصري بيانا حول الوفاة جاء فيه أنه خلال المحاكمة، طلب مرسي الحديث، وسمحت له المحكمة بذلك، وبعد أن تحدث لمدة خمس دقائق، رفعت الجلسة للمداولة.
وأضاف البيان: “وأثناء وجود المتهم محمد مرسي العياط وباقي المتهمين داخل القفص، سقط أرضا مغشيا عليه، حيث تم نقله فورا للمستشفى، وتبين وفاته”.
وأمرت النيابة العامة بالتحفظ على كاميرات المراقبة الموجودة بقاعة المحكمة، ومناظرة جثمان المتوفى، وسماع أقوال المتهمين الموجودين معه في قفص الاتهام.
وطالما أعرب نشطاء وأفراد من أسرة مرسي عن شكواهم من ظروف سجنه بسبب مخاوف من عدم حصوله على الأدوية الخاصة بارتفاع ضغط الدم والسكري، ومن أنه قد يكون محتجزا في السجن الانفرادي بصورة دائمة.
وطالبت جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها السلطات المصرية تنظيما إرهابيا، بتقرير طبي تعده هيئة دولية وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق وكشف أسباب الوفاة.
كما أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان بيانا تدين فيه “سوء معاملة” الرئيس المصري السابق مرسي، وتطالب بالتحقيق في ظروف وفاته.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، في بيان نشرته المنظمة على موقعها على الإنترنت، إن وفاة مرسي “جاءت بعد سنوات من سوء المعاملة الحكومية، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، وعدم كفاية الرعاية الطبية، والحرمان من الزيارات العائلية والوصول إلى محامين”.
وانتقدت هيئة الاستعلامات العامة في مصر ما نشرته “هيومن رايتس ووتش” في هذا الشأن، وقالت في بيان إن ما تنشره المنظمة يتضمن “ادعاءات واهية” تؤكد مواصلة المنظمة “تدوير الأكاذيب”.
نبذة عن الرئيس المصري الراحل محمد مرسي
تولى الرئيس المصري الراحل محمد مرسي سدة الرئاسة عام 2012 بعد أول انتخابات شهدتها مصر عقب الإطاحة بنظام حسني مبارك، ليكون الرئيس الأول بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، والرئيس الخامس الذي يتولى سدة الحكم في مصر.
ولم يستمر مرسي في الحكم إلا حوالي عام لتتم الإطاحة به بعد أحداث 30 يونيو/حزيران في مصر 2013.
حياته
ولد في 20 أغسطس/ آب 1951 في قرية العدوة بمحافظة الشرقية ونشأ وسط عائلة بسيطة إذ كان والده فلاحا فيما كانت أمه ربة منزل. تزوج عام 1978 وله خمسة أولاد وثلاثة من الأحفاد.
كان يسكن في التجمع الخامس في القاهرة. وكانت زوجته، التي لم تكمل الدراسة الجامعية، تنشط في العمل الدعوي والاجتماعي من خلال قسم التربية بجماعة الإخوان المسلمين.
حصل اثنان من أولاده على الجنسية الأمريكية بالولادة، وقالت مصادر حزب الحرية والعدالة إن مرسي عُرض عليه الحصول على الجنسية الأمريكية أثناء وجوده في الولايات المتحدة، لكنه رفض ذلك.
انتقل إلى القاهرة للدراسة الجامعية بكلية الهندسة 1970-1975. وتخرج من الجامعة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وعين معيدا بها. وسافر إلى الولايات المتحدة عام 1978 للعمل وإكمال الدراسة وحصل على الماجستير في الطاقة الشمسية عام 1978 ثم حصل على الدكتوراة عام 1982 في حماية محركات مركبات الفضاء.
وأثناء حملة الانتخابات الرئاسية نفت أوساطه أن يكون قد عمل في وكالة الفضاء الأمريكية-ناسا في أوائل الثمانينات من القرن الماضي.
تعرض محمد مرسي لمضايقات السلطات خلال حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. كما تعرض للمحاكمة عدة مرات مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
سُجن مرسي عام 2006، ثم وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله، وعادت السلطات إلى اعتقاله في يناير/كانون الثاني عام 2011 قبيل اندلاع الثورة التي أطاحت بمبارك في فبراير/شباط من العام ذاته.
ترشحه للرئاسة
وشارك مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية عام 2012، مرشحاً عن حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر). وكان الحزب قد أعلن في 7 أبريل/نيسان 2012 عن ترشيحه لمرسي بشكل احتياطي بينما كان المرشح الفعلي للحزب خيرت الشاطر، الذي استبعدته لجنة الانتخابات الرئاسية لاحقاً لأسباب قانونية، وبالتالي أصبح مرسي المرشح الرسمي للحزب والجماعة.
وخاض مرسي انتخابات الرئاسة ببرنامج “مشروع النهضة” الذي مثل برنامجه الانتخابي. وأكدت الجماعة في بيانها أن لديها “مشروعاً لنهضة الوطن في مختلف المجالات، وأن مرشحها يحمل هذا المشروع الذي يؤيده الشعب المصري، وتسعي الجماعة والحزب إلي تحقيقه لتعبر مصر إلي بر الأمان، وتتبوأ مكانتها اللائقة بين الأمم والشعوب”.
نفى مرسي خلال حملته الانتخابية شائعات حول إجرائه عملية جراحية بالمخ، وقال إنه أجرى جراحة بسيطة في لندن لإزالة ورم صغير أسفل الجمجمة، وقال إنه يعاني من مرض السكري ويتعاطى عقاقير لعلاجه.
وبعد فوزه ضد منافسه الفريق المتقاعد والوزير السابق أحمد شفيق أعلن مرسي أن حكومته ستمثل كل المصريين. لكن مرسي أخفق في الوفاء بأي من وعوده الانتخابية خلال السنة المضطربة التي أمضاها في الحكم. واتهمه معارضوه بافساح المجال أمام الإسلاميين للإستيلاء على الحياة السياسية وإقصاء الآخرين واحتكار السلطة من قبل جماعة الإخوان.
واندلعت الاحتجاجات ضد حكم مرسي عندما منح نفسه صلاحيات واسعة في أواخر شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 بموجب مرسوم رئاسي وزادت حدة الاحتجاجات عندما أقرت الجمعية التأسيسية التي كان يسيطر عليها الإسلاميون على وجه السرعة دستوراً وسط مقاطعة الليبراليين والعلمانيين والكنيسة القبطية.
في شهر يناير/ كانون الثاني 2013 حذر وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي وقتها من أن الأزمة السياسية التي تمر بها مصر قد تؤدي إلى إنهيار الدولة.
وبحلول الذكرى الأولى لوصول مرسي إلى الحكم في 30 يونيو/حزيران نظمت حركة “تمرد” مظاهرات احتجاج ضخمة شارك فيها ملايين المصريين وبعدها بيوم أمهل الجيش مرسى 48 ساعة لتلبية مطالب المحتجين.
وعند انتهاء المهلة أعلن عن تعليق العمل بالدستور وتشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة لإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية جديدة.
وتم إعتقال مرسي وزجه في السجن وفرق الجيش بالقوة اعتصامين لأنصاره في رابعة والنهضة سقط فيها العديد من الضحايا في 14 اغسطس /آب 2013.
في شهر سبتمبر/ أيلول 2017 أيدت محكمة النقض المصرية حكما بالسجن المؤبد ضد مرسي بتهمة “التخابر مع قطر”، وهي القضية المعروفة إعلاميا بهذا الاسم. كما كان يحاكم في عدة قضايا أخرى.