ضد حكومة بلادهم منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الحالي للمطالبة باستقالة الرئيس السوداني عمر البشير والدعوة لتشكيل حكومة انتقالية.
وقالت منظمة العفو الدولية “أمنستي” في بيان صادر عنها، إن قوات الأمن أطلقت النار على المحتجين وقتلت ما لا يقل عن 37 شخصاً بذريعة إثارة الفوضى في البلاد. فمن هو عمر حسن البشير ولماذا يطالب المتظاهرون بإقالته؟
حكمه
ولد عمر حسن أحمد البشير عام 1944 في قرية صغيرة تسمى “حوش بانقا” التي تنتمي إلى قبيلة البديرية الدهمشية الموجودة في شمال السودان وغربه.
قام بانقلاب عسكري على الحكومة التي كان يتزعمها رئيس الوزراء الصادق المهدي في عام 1989 وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وهو العام نفسه الذي تقلد فيه منصب رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية السودانية معاً.
ومع اقتراب نهاية عام 2018، يكون البشير قد قضى أطول فترة حكم في تاريخ السودان الحديث وهو 29 عاما.
ومنذ ذلك الانقلاب، لم تتم أي انتخابات رئاسية منذ فترة الانقلاب حتى عام 2010 الذي فاز فيها البشير بعد أن انسحبت المعارضة من تلك الانتخابات، واصفة إنها “غير نزيهة“.
وتعرض البشير لكثير من الانتقادات من قبل المنظمات الإنسانية، إذ تلاحقه المحكمة الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب ضد الإنسانية في دارفور منذ عام 2009، إلا أنه لا يزال يجري زيارات رسمية إلى البلدان العربية والأفريقية متحدياً قرار المحكمة.
اتفاق السلام
في سبتمبر/أيلول 2013، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في السودان ، ضد حكم البشير بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد التموينية وسوء الأوضاع المعيشية عامة. وقد قتلت فيها قوات الأمن الحكومية ما لا يقل عن 200 متظاهر، بالإضافة إلى اعتقال وتعذيب الكثير من العمال والطلاب. وأعلن البشير وقتها لشعبه عن عدم رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة في انتخابات عام 2015. لكنه لم يفِ بوعده.
وقبيل أن يصبح البشير رئيساً للبلاد، كان أحد قادة الجيش ومسؤولا عن قيادة العمليات في الجنوب ضد الزعيم المتمرد الراحل جون قرنق.
وعندما وقع عام 2005 اتفاق نيفاشا مع قرنق الذي كان يقود الحركة الشعبية لتحرير السودان، انتهت أطول حرب أهلية استمرت 21 عاما لتولد جمهورية جنوب السودان.
ويرفض البشير الاتهامات التي وجهها ضده مدعي محكمة الجنايات الدولية، القاضي الأرجنتيني لويس مورينو اوكامبو الذي قال في أكثر من مناسبة أن لديه أدلة دامغة على تورط البشير في جرائم حرب.
“صراع مستمر“
لا يعرف الكثيرون عن الحياة الخاصة للبشير، وليس لديه أطفال رغم زواجه من اثنتين. وكان زواجه الثاني من أرملة إبراهيم شمس الدين، الذي كان يعد “بطلا حربيا في الشمال“.
وكان يحث البشير، القادة على الزواج بأكثر من امرأة وتكفل الرعاية لأرامل الحرب الأهلية التي استمرت عقدين من الزمن وسقط فيها مئات القتلى.
وفي بدايات حكمه، شهد السودان انتعاشا اقتصاديا، لكن على الرغم من تأرجح استقرار الأوضاع في السودان بشكل مستمر، إلا أن السودانيين لا يزالون يعانون من الفقر وسوء الأحوال الإقتصادية في البلاد.
المظاهرات في السودان: البشير يتهم دولا كبرى بالابتزاز لتركيع بلاده
قال الرئيس السوداني، عمر البشير، إن السودان يواجه، ودولا عربية، مخاطر وتهديدات من قبل الدول العظمى، “تمارس الابتزاز السياسي والاقتصادي لتركيعنا“.
وأوضح في خطاب ألقاه في حفل لتخريج قادة عسكريين في الخرطوم أن تلك الدول – بحسب ما نقله مراسلنا محمد عثمان – “تهدف إلى السيطرة على موارد الشعوب“.
ورفض السودان تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي) الذي يفيد بأن قوات الأمن قتلت 37 متظاهرا خلال الاحتجاجات التي استمرت أسبوعا في البلاد.
وساندت مصر حكومة السودان، وعبرت عن ثقتها فيها على اجتياز الأزمة، وجاء ذلك خلال زيارة وزير الخارجية المصري للخرطوم.
ونقلت وسائل إعلام عن وزير الداخلية السوداني، أحمد بلال عثمان، قوله إن 17 محتجا فقط لقوا حتفهم، وإن 35 شرطيا أصيبوا.
وعبر الوزير عن أسفه لموت ضحايا، مضيفا أن الأشخاص الذين اعتقلوا سوف يطلق سراحهم خلال الأيام المقبلة.
ما هو موقف مصر؟
وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن مصر تدعم الاستقرار في السودان وإنها تثق في قدرة الحكومة السودانية على تجاوز الأزمة الحالية.
وأضاف شكري بعد لقائه بالرئيس السوداني عمر البشير في الخرطوم أن استقرار السودان جزء من استقرار مصر.
وقال إنه نقل رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، مشيرا إلى تطابق وجهات النظر بين الخرطوم والقاهرة حول عدد من القضايا الإقليمية والعالمية.
وقال وزير الخارجية السوداني، الدرديري محمد أحمد، إن الطرفين سيعملان على التنسيق بينهما في القضايا الإقليمية، وأشار إلى أن زيارة الرئيس السوداني الأخيرة إلى سوريا تأتي في إطار هذا التنسيق.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري ومدير المخابرات المصري اللواء عباس كامل قد وصلا الخرطوم الخميس وعقدا جلسة مباحثات مشتركة مع نظيريهما السودانيين.
وقال البشير إن حكومته تقف إلى جانب الحقوق المشروعة للشعوب العربية والانحياز إلى آمالها وتطلعاتها.
ويواجه الرئيس السوداني احتجاجات شعبية غير مسبوقة تطالبه بالتنحي عن الحكم في ظل تردي الأوضاع المعيشية.
وكان قد اتهم في وقت سابق من وصفهم بالخونة والمندسين العملاء بالسعي إلى نشر الفوضي والتخريب عبر استغلالهم للأزمة الاقتصادية.
وتعهد البشير بإخماد الاحتجاجات في البلاد والشروع في إصلاحات جادة لمعالجة الأزمات الاقتصادية، لكن هذا الوعد لا يجد صدى في أوساط المحتجين.
ما هي أسباب الاحتجاجات؟
وتشهد العاصمة الخرطوم ومدن البلاد حالة من الهدوء الحذر بعد يومين من الاشتباكات العنيفة بين المحتجين والقوات الأمنية في محيط القصر الرئاسي.
واستخدم أفراد من الشرطة وقوات الأمن، ممن يلبسون زيا مدنيا، الذخيرة الحية، وقنابل الغاز لتفريق المتظاهرين في أنحاء البلاد.
وقد اندلعت الاحتجاجات أول الأمر بسبب الزيادة في أسعار السلع الغذائية والوقود، لكنها تحولت بعد ذلك إلى المطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير.
ويواجه السودان أزمة اقتصادية، تتضمن نقصا حادا في العملة الصعبة، ومعدلا مرتفعا للتضخم، ونقصا في السلع.
وقد تفاقمت الأزمة، بالرغم من رفع الولايات المتحدة المقاطعة الاقتصادية عام 2017.
وتبلغ نسبة التضخم حوالي 70 في المئة، وتشهد البلاد نقصا في السلع الأساسية كالخبز والوقود في عدة مدن بينها الخرطوم.
موقف حزب المؤتمر الشعبي
وقال الأمين السياسي لحزب الموتمر الشعبي المشارك في الحكومة السودانية إنه يرفض استخدام القوة والعنف ضد المحتجين.
وأكد إدريس سليمان خلال موتمر صحفي أن من حق السودانيين التظاهر السلمي.
وطالب الحكومة بالتحقيق في حوادث القتل التي وقعت خلال الاشتباكات، والإفراج عن المعتقلين.
وأدان الحزب قتل المحتجين وحث السلطات على محاسبة المسؤولين.
ويشارك حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه القيادي الاسلامي الراحل حسن الترابي في الحكومة بعد مشاركته في الحوار الوطني.
ويتقلد قادة الحزب عدة مناصب وزارية من بينها منصب مساعد رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى أعضاء في البرلمان القومي والمجالس التشريعية المحلية.