متلازمة الإجهاد.. اضطراب ما بعد صدمة الانفصال بين الشريكين

separacion

يمكن أن يكون للطلاق أو الانفصال بين الشريكين، تأثير مدمر على الصحة النفسية والجسدية للأفراد حتى إذا كان هؤلاء نجوما في عالم الشهرة، مع توارد أخبار انفصال وشيك للنجمين الأميركيين أنجلينا جولي وبرات بيت، اللذين طالما شغلت أخبار انفصالهما وملابساته وسائل الإعلام على مستوى العالم وبعد تعرض جولي إلى سلسلة من الوعكات الصحية مؤخرا، فسرها البعض على أنها تداعيات المعاناة النفسية التي كانت تواجهها قبل إعلان رغبتها في إنهاء حياتها الزوجية.

تجربة الطلاق يعقبها الحزن والخسارة والوحدة

وردت في حصيلة مجموعة من الدراسات الحديثة الإشارة بصورة متكررة إلى ظاهرة مرضية تدعى “متلازمة الإجهاد المزمن” المصاحب للطلاق، حيث تؤكد مجموعة من الأطباء والمعالجين النفسيين على أن الانفصال بين الشريكين، يعد سببا مباشرا للإصابة بالعديد من الأمراض النفسية والجسدية بما في ذلك آلام العضلات والتوتر والقلق، سواء أكان المنفصلان مشهورين أو فردين عاديين في المجتمع.

وأشارت المعالجة النفسية الأسرية شارلوت فريدمان؛ وهي تدير وتشرف على ما يسمى بـ”فريق دعم المطلقين” في المملكة المتحدة، إلى أن أغلب حالات الطلاق التي صادفتها بحكم عملها ظهرت على أصحابها أعراض مرضية أكثرها نفسية مثل؛ الإجهاد، وتدني الحالة المزاجية، والاكتئاب والأرق.

كما أشارت الأبحاث الأخيرة إلى أن أكثر من 60 بالمئة من المطلقين يعانون من أعراض مرضية جسدية مثل، الصداع النصفي، الأكزيما ومشكلات آلام في العضلات وهي نتيجة للتوتر النفسي أيضا، فيما أكدت الدراسة التي أجراها باحثون في جامعة ميتشيغان الأميركية على أن تجربة الطلاق تؤدي إلى تراجع أسرع في الصحة النفسية والبدنية، بشكل واضح وأن المطلقين يعانون من هذه الأعراض بصورة مص

احبة للتجربة والفترة التي تعقبها، مقارنة بالأشخاص الذين مازالوا يواصلون حياتهم الزوجية المشتركة.

وأوضحت النتائج أن الرجال المطلقين يعانون من مشكلات صحية لفترة طويلة تعقب تاريخ الطلاق، فيما تعاني السيدات من المشكلات الصحية لفترة قصيرة أثناء وبعد الطلاق لكنها أكثر حدة، مقارنة بالرجال ويعزوها الخبراء إلى سيطرة مشاعر الحزن والخسارة والوحدة إثر تجربة الطلاق والانفصال عن الشريك.

وتصنف تجربة الطلاق من قبل متخصصين أميركيين، على أنها تجربة مجهدة بصورة كبيرة ولها تأثيرات سلبية على الصحة النفسية للأفراد، حيث تتم الإشارة إليها على أنها واحدة من أهم مظاهر اضطراب ما بعد الصدمة؛ وهو الاضطراب المتعارف عليه لوصف التوتر النفسي الشديد الذي يعاني منه ضحايا الحوادث أو الجنود والمدنيون الناجون من ساحات الحرب.

وتعاني النساء في العادة ،بدرجة أقل، من أعراض هذا الاضطراب المتمثل في الانسياق المبالغ فيه لتجارب الماضي، باتباع سلوك غير اجتماعي يتمثل في العزلة وتجنب الاختلاط بالناس، والقلق المتزايد والمعاناة من أعراض المرض (النفسجسدي)، وتعاني السيدات من هذه الأعراض حتى إذا كان قرار الانفصال من جانبهن، إذ أن الإحساس بالذنب والشعور بالوحدة يطاردانها إلى فترة قد تطول، وتشير شارلوت فريدمان إلى أن الزواج قد يكون غير ناجح، ومع ذلك يبقى الانفصال تجربة غير سارة.

ويرى الدكتور ديفيد باسترانا؛ اختصاصي القانون المدني في جامعة ولاية أريزونا الأميركية، من خلال تجربته أن المطلقات حديثا يعانين من أعراض متشابهة منها

%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%81%d8%b5%d8%a7%d9%84-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d9%83%d9%8a%d9%86

الإنكار والغضب وعدم تقبل الواقع والاكتئاب، فالطلاق يمكن أن يؤثر سلبا على كلا الزوجين عاطفيا ونفسيا وجسديا بطريقة غير متوقعة.

أما الرجال، فقد أشار متخصصون في الصحة النفسية إلى أن تأثير الطلاق عليهم يفوق في الغالب تأثيره على النساء؛ وأن هذا الفرق يظهر بعد حدوث الطلاق مباشرة، حيث يبدأ الرجل بافتقاد الصحبة والدعم العاطفي والمعنوي الذي كان يوفره له الزواج، إضافة إلى أن معظم الرجال لا يجدون الفرصة أو الاستعداد النفسي للتعبير عن مشاعرهم للأصدقاء والمقربين، مثلما تفعل السيدات عادة للتخفيف من العبء النفسي لمعاناتهن بعد حدوث الطلاق، على الرغم من أن المرأة أكثر تعرضا للاكتئاب النفسي خاصة في مرحلة التوتر الشديد التي تسبق الطلاق، ربما بسبب اعتقادها بأن مسؤولية إنجاح الزواج واستمرار ازدهاره هما مسؤوليتها بالدرجة الأولى، لذلك، حين تتفاقم الخلافات الزوجية وتبدو جميع الطرق تؤدي إلى ضرورة اتخاذ الخطوة الأخيرة، تصاب بعقدة الذنب وتأنيب الضمير غير المبرر في أحيان كثيرة، مع أن الرجل يتساوى معها في تحمل مسؤولية إنجاح أو إفشال العلاقة الزوجية.

ويؤكد الدكتور باسترانا في كتابه “متلازمة الإجهاد والتوتر المصاحب للطلاق”، على أن الشعور بالانفصال عن الشريك قد يشبه كثيرا مشاعر الحداد على وفاة أحد أفراد الأسرة، ولذلك فإن تنقية هذه المشاعر ومحاولة الخروج من المزاج السوداوي تتطلبان عملية انتقالية، يتم خلالها الاعتراف بأهمية تقبل الواقع الجديد، بكل ما يمثله من مظاهر اجتماعية ونفسية في محاولة لتشكيل صيغة شخصية جديدة والبدء بالتأقلم مع ما يتطلبه الظرف الجديد، والتعامل مع المحيط الاجتماعي وفق هذا المنظور.

من جانبه، يعتقد الدكتور جيمس لينش؛ مؤلف كتاب “القلب المفطور”، بأن الروابط بين الضغوط النفسية والأمراض الجسدية هي نقطة الانطلاق التي يتم من خلالها تشخيص معاناة الأشخاص الذين يمرون بتجربة الانفصال، خاصة في مراحلها الأولى. وتبين الدراسات الحديثة بأن التوتر النفسي يزيد من الضرر الذي تحدثه الجزيئات الحرة في الدم التي تهاجم خلايا الجسم السليمة الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة استقرار نظام المناعة، ما يحد من قدرة الجسد على محاربة الأمراض، خاصة الخطيرة منها كالسرطان بأنواعه وأمراض القلب، وفي ما يتعلق بالسرطان فإن دراسات عدة أكدت على وجود علاقة قوية بين مستويات التوتر والسرطان.

وأظهرت نتائج إحدى الدراسات التي استمرت ثلاثة أشهر وأشرف عليها باحثون في جامعة إلينوي الأميركية، تكونت عينتها من قرابة 1000 سيدة مصابة بسرطان الثدي، ارتباطا وثيقا بين الإجهاد النفسي والإصابة بهذا المرض،. ووفقا لدراسة قدمت من قبل الجمعية الأميركية لأبحاث السرطان، فإن النساء اللاتي يعانين من التوتر النفسي يكن عرضة للإصابة بأكثر الأنواع شراسة من سرطان الثدي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *