المتهم بتدمير أحمد الفقي قد يواجه السجن لمدة 11 عاما بعد أن اعترف، بمشاركته عناصر إرهابية في تدمير أضرحة ومسجد تعود إلى العصور الوسطى
تصدر المحكمة الجنائية الدولية الثلاثاء حكما تاريخيا على جهادي مالي اعترف بتدمير اضرحة محمية في تمبكتو في قرار ينتظره سكان المدينة الاثرية بفارغ الصبر وتأمل منظمات غير حكومية بان يكون “ردعيا“.
ويأمل الخبراء والامم المتحدة في الواقع بان يسمح الحكم “بانهاء الافلات من العقاب” بعد تدمير عدد من المواقع الثقافية بينما تتعرض مواقع اخرى للتدمير المنهجي، وخصوصا في العراق وسوريا.
واعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاسبوع الماضي في نيويورك انشاء صندوق عالمي لحماية التراث المهدد. وقال ان “الامر يتعلق بالدفاع عن تاريخنا المشترك من اجل بناء الانسانية معا“.
واحمد الفقي المهدي متهم بارتكاب جريمة حرب لانه “شن عن سابق تصور وتصميم هجمات” على تسعة اضرحة في تمبكتو (شمال مالي) وعلى باب مسجد سيدي يحيى بين 30 يونيو و12 يوليو 2012.
وبعدما اقر بذنبه لدى بدء محاكمته، طلب هذا الرجل الذي ينتمي الى الطوارق ويرتدي نظارتين صغيرتين، العفو من شعبه مؤكدا انه “يشعر بتأنيب ضمير وبأسف كبير“. واكد انه كان في تلك الفترة “تحت تأثير” المجموعات الجهادية، داعيا المسلمين في جميع انحاء العالم، الى التصدي “لهذا النوع من الاعمال“.
اما سكان تمبكتو فيؤكدون انهم مستعدون للصفح عنه لكنهم يأملون في ان يتم احقاق العدل. وقال البخاري بن السيوطي الخبير الثقافي الذي شارك في اعادة تأهيل المواقع ان هذه المحاكمة “يجب ان تعني للجميع بانه لا يمكن قتل كائن بشري بلا عقاب ولا يمكن تدمير صرح للتراث العالمي بلا عقاب“.
وتؤكد مدعية المحكمة الجنائية الدولية ان المتهم كان عضوا في “جماعة انصار الدين“، احدى المجموعات الجهادية المرتبطة بتنظيم القاعدة التي سيطرت على شمال مالي في 2012 قبل ان يؤدي تدخل دولي بقيادة فرنسا في يناير 2013، الى طرد القسم الاكبر منها.
وبصفته رئيسا لهيئة الحسبة، امر بشن هجمات على الاضرحة التي دمرت بالمعاول والازاميل والمجارف وشارك في بعض هذه الهجمات. وتتهم منظمات مدافعة عن حقوق الانسان الحسبة بارتكاب جرائم ضد الانسانية بما في ذلك جرائم تعذيب واغتصاب واستعباد جنسي لنساء في تمبكتو.
وفي بداية المحاكمة عبرت هذه المنظمات عن اسفها لان الاتهامات الموجهة الى المهدي لم توسع لتشمل هذه الجرائم. لكن محامي المهدي يؤكدون انه “رجل نزيه” تعرض “للخداع” في لحظة معينة. واكد محاميه جان–لوي جيليسن في مرافعته “انه شخص اراد بناء شيء افضل“. وطلب الاتهام السجن بين تسعة اعوام و11 عاما للمهدي، وهي عقوبة تعترف بخطورة الجريمة وبتعاون المتهم مع المحكمة. وتعهد الدفاع بعدم استئناف الحكم اذا كانت العقوبة التي سيصدرها القضاة تقع في هذا الهامش.
وقال لااسانا سيسي المدير الوطني للتراث في مالي ان “الناس ينتظرون الحكم بفارغ الصبر وبامل كبير بان يكون عقوبة نموذجية“. واصبحت تمبكتو التي أسستها في القرن الخامس قبائل الطوارق، وتدين بازدهارها لتجارة القوافل، مركزا اسلاميا ثقافيا كبيرا ابان القرن الخامس عشر.
والشخصيات المدفونة في الاضرحة، تعطي تمبكتو لقبها “مدينة 333 وليا” يعتبرون كما يقول خبراء ماليون في الاسلام، حماة المدينة الذين يستشارون للزيجات وتطلب شفاعاتهم في صلاة الاستسقاء ومحاربة المجاعة وغيرها من الامور.
وسعى الجهاديون، الذين تتعارض رؤيتهم المتشددة للاسلام لهذه الطقوس، الى استئصالها من خلال التوعية قبل ان يعمدوا الى تدمير الاضرحة، كما قال الادعاء. وحتى لو ان لائحة المواقع المهددة تطول، ليس من المؤكد البدء بمحاكمات جديدة. ولم يوقع العراق او سوريا ميثاق روما الذي اسس المحكمة الجنائية الدولية. ومن دون قرار للامم المتحدة، لا يمكن القيام بأي تحقيق.